ربّوا أبنائكم لزمان غير زمانكم “

ربّوا أبنائكم لزمان غير زمانكم “ مقولة يتغنى بها الأباء حتى أضحت تربية الأبناء في أيامنا هذه من أشق الأعمال التي يواجهها الاباء والامهات
قديما كان الأباء يربّون أبناءهم على قيم وعادات أباءهم والدين الذي يعتنقون , فتجد أحترام الكبير للصغير والأدب في التعامل , والكل يشارك أهله في إقامة شعائر دينه .أما اليوم تطور الحياة أضحى سريعاًجداً والمغريات من حولنا تتكاثر
لم يعد الطفل يفرح بلعبة بل يريد أجهزة الكترونية متطورة وحديثة فترى طفل في الثالثة من العمر يمتلك آي باد أو لاب توب يعمل عليه كأحسن تكنولوجيا ونحن الكبار نتعثّر في التعامل مع أجهزة المحمول
تراه ملقىً على مقعده او سريره ، يلعب بجهازه ، لم يعد يركض ويلعب ، ترنّ ضحكاته في أرجاء المنزل تملاؤه فرحاً وحياة
فقدنا الإجتماعات العائلية حيث كان الاولاد يجتمعون حول كبير العائلة ليخبرهم قصة أو يعلمهم لعبة . بل تراهم منكبون بإهتمام شديد على جوالاتهم أو ألعابهم الإلكترونية ، تناديهم لايسمعون تحدثهم يتزمرون ، فهم مشغولون بما هو أهم من أن يكونوا معك لأنهم مع رفاقهم بمحادثات حتى صار المجتمع كله كيفما التفتَّ وأينما توجهت الكل مع محموله مستغرقاً فيه بكلِّيته ، تارة يضحك وطوراً يتمتم أو يقطّب جبينه ، ومرةً يحرّك يديه وكأنه يصارع أحداً ، ولو رآهم من هو من غير زمانهم لظن أنهم مجانين
غاب الكتاب من بين أيديهم أين القصص المصورة والكتب الملونة ؟ أين مجلات ماجد وسمير والصبيان أين اللغة والإملاء ؟؟ ، صار لهم لغتهم الخاصة . لم يعد للأم سلطة لمراقبة إبنتها فهي في غرفتها بابها مقفل عليها.
ومع تطور التكنولوجيا ووسائل الإتصال دخلت علينا مفاهيم جديدة في فترة زمنية قصيرة ، فلو لم نحسن التعامل معها فإن أبناؤنا سيتولون تربتنا وتوجيهنا .
سواء أدركت الأسر ذلك أم لم تدركه فإن واقع الحال يقول بأن التكنولوجيا الحديثة بوسائلها المتعددة بما فيها لعب الأطفال الإلكترونية قد تسببت في هوة تتسع يوماً بعد يوم بيننا وبين أولادنا بدءاً من عمر الطفولة المبكرة ومروراً بسن المراهقة والشباب.
هل يمكن القول إن التكنولوجيا سرقت أولادنا وأضعفت علاقتهم بنا؟
وماذا يحمل المستقبل لهذه العلاقة التي تفتر تدريجياً بين الآباء والأمهات من جهة وأبنائهم من جهة أخرى؟
وهل من وسائل لردم هذه الهوة المتزايدة أم أن القادم سيجعل علاقتنا بأولادنا أكثر ضعفاً وهشاشة؟
ماذا يخبّئ الغد للجيل الصاعد ؟؟ وما هو التطور الذي سيفاجئ الأهل . هل سيبقى البنات لهن حلم ترتيب منزل زوجي سعيد وتربية أطفال ؟ هذا هو العبئ الذي صار يرهق الآباء ويباعد بينهم وبين أبنائهم ويوسّع الهوّة بين كل جيل فماذا يخبئ لنا الغد؟